عطرت مساء عمّان أمسية قدمتها جمعية «الحنونة للثقافة الشعبية» في قصر الثقافة بمدينة الحسين للشباب واختلطت فيها المشاعر مع فقرات الأمسية والتي تفاعل معها جمهور واسع ومن الفئات العمرية بسعادة وشغف وانتماء.
للتعريف العام تأسست جمعية الحنونة للثقافة الشعبية عام 1993 من إيمانها الشديد بأهمية الثقافة الشعبية بوصفها عنصرًا أساسيًّا من عناصر الهوية الوطنية، وتسعى من خلال برامجها المختلفة للحفاظ على موروث وثقافة منطقة بلاد الشام عامة بوصفها وحدة جغرافية واحدة، مع التركيز على الثقافة الفلسطينية بشكل خاص نظرًا لما تتعرّض له من محاولات سرقة الإرث الحضاري والثقافي لفلسطين بعد سرقة الأرض.
تحمل جمعية الحنونة هذه المسؤولية من خلال أفرادها المتفانين من كافة الأعمار، والذين يتطوعون بوقتهم وجهدهم وخبراتهم لخدمة البرامج المختلفة التي تعمل تحت مظلة الجمعية ومنها: مكتبة الحنونة: والتي تضم مواد مقروءة ومسموعة ومرئية جمعت على مدى عمر الجمعية، وتعتبر مرجعية ومركزًا للمعلومات يختص بتاريخ وتراث وثقافة منطقة بلاد الشام،
الفريق الفني: الذراع الرئيسي للجمعية والذي من خلاله تتفاعل الحنونة بشكل مباشر مع جمهورها من جميع أنحاء العالم. شارك الفريق منذ إنشائه، والذي يتكون من الفريق الأساس والبراعم والناشئون بالإضافة إلى فريق الموسيقى والأغنية، في العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية محليًا وإقليميًا ودوليًا.مشروع ثوب الحياة، مجلة الحنونة للثقافة الشعبية، دورات تدريب الدبكة، سوق الحنونة للحرف والصناعات الشعبية، مهرجان حراس الذاكرة.
في الأمسية تم الغناء للفرح رغم أجفان العيون الغائرة من خلال فقرات: الاستسقاء، هي تؤمر وتآمر، لوحة البراعم، دبكة الطيارة، أغنية صعّد، لوحة الخيل، أغنية شد شراعك وبرنامج سيرة سالم.
المميز في الأمسية هو اتقان الأداء من قبل فريق الحنونة للفنون الشعبية والتفاعل والانسجام من قبل الجمهور بشكل متواصل مع الفقرات والتي استقطبت الجميع بروايتها والخلفيات الموسيقية والمؤثرات الصوتية ورشاقة وحركة الفريق بعنفوان وروح الشباب.
حضرت غزة وبحرها وصمودها وحكايتها وتلك الدار التي تنتظر الطيور لتحلق مع فجر ونهار الحرية في يوم قادم لا محالة مع ثبات الشعب المجاهد والمدافع والقادر على بذر القمح وغرس كل البيارات من جديد ومعاودة الحياة.
تقوم جمعية الحنونة بحراسة الذاكرة بكل ما يمت للحق الفلسطيني بصلة من الجرح والثوب والأغنية والرواية، التاريخ، الموروث الشعبي، السيرة، الحضارة، الحرف، الكلمة، الصورة، الأسطورة، القدس، فلسطين، البحر، الموج، المطر، اللحن، النصر القادم، الولادة، الموت، الحب، العشق، الصبر،الانتفاضة، وجميع ما يتعلق بالحرية والبحث عن الحقيقة.
أمسية ولوحات جميلة وعروض شيقة ومؤثرة وملامح واثقة وأغنيات عابقة بالحنين والوجد والأمل والثقة ودموع الألم والفرح تتهادى مثل أمواج عكا وغزة وعمق فلسطين من ربى الأردن توأم وعشق الروح.
أمتدت الأمسية » الحنونة » لأكثر من ساعتين وقبل منتصف ليلة السبت بقليل، تمت بهدوء وتنظيم وفخر واعتزاز بكل المشاعر والعواطف الجياشة وتفاعل الأجيال التي حضرت وتابعت بحرص والتزام.
أمتزج نسيم عمّان (بعد أن انتهت الأمسية وغادر الحضور) مع عبير التطلع والهاجس والشوق والصبر ولنصر القادم ؛ فعمّان وعلى الدوام نافذة تطل على العهد والوعد وتلوح للمدى والبحر والموج أن سوف نلتقي ونصلي على الأرض المطهرة والمحررة.
لحراس الذاكرة والذين يبدو أن في جعبتهم لهذا الشهر والأشهر القادمة المزيد والكثير، لهم التحية.